الاثنين، 23 أغسطس 2010

قصص تنموية للأطفال - الفيل والعصفور -









الفيل والعصفور

يحكى أنه كان يعيش في غابةٍ بعيدة , عصفورً ودودً , محبً لكل حيوانات الغابة , وكان يُمضي معظم يومه في تأمين ما تحتاجها صغاره من طعام , وكانوا يسكنون عشّاً صغيراً بجانب ينبوعٍ تتدفق منه المياه بغزارة , وأثناء انشغاله بعمله اليومي في إرضاء غريزة الجوع عند صغاره من الفراخ , مرّ بذلك العش فيلً ضخمً , كان يتردّد مراراً لنبع الماء ، فاستوقفته أصوات تلك الفراخ المتلهفة لقدوم الأمّ الرؤوم , ومن دون أن يلامس قلبه وازع شفقة , ما كان من الفيل إلا أن هوى بقدمه الكبيرة على العش بمن فيه , ثم تابع طريقه إلى النبع وكأنَّ

شيئاً لم يكن , وبعد فترة قصيرة عاد العصفور ليتفقد فراخه , محمّلاً بما يُسكت به جوعهم ويسدَّ به رمقهم , لكن دهشته كانت كبيرة , وحزنه كان عميقاً عندما رأى آثار ما قامت به قدم الفيل , وبكى بكاءً طويلاً على ذلك , وما أن استعاد بعضاً من عزيمته حتى قصد الفيل , يملؤه الغضب والاحتجاج , فوقف على رأسه وأردف قائلاً : أيها الملك الجبار لماذا فعلت بصغاري ما فعلت ؟ لماذا تركت قلبي وحيداً يعاني قسوة الألم ولوعة الحرمان ؟


وهل كان إيذائي لك كبيراً حتى قمت بفعلتك وقد مضى لنا زمنٌ طويلٌ ونحن نعيش معاً في الغابة ؟ هل لأنك رأيتني ضعيفاً منكسراً حتى سوّلت لك نفسك بفعل ما فعلت .

أجاب الفيل : متكبراً فخوراً بما صنع : نعم هو ما ذكرت , وقد أصبت في ذلك كبد الحقيقة , فرجع العصفور أكثر غضباً وإصراراً على الثأر لصغاره "برغم ضعفه" , وقصد جمهرة العصافير يشكو لهم هول مصابه , ويبثّ فيهم عِظم بلائه , ثم طلب مساعدته فيما عزم عليه من أمر , فأبدت الطيور مجتمعةً موافقتها على طلب العصفور المسكين , ثم حطّت جميعها على رأس الفيل , وبدأت تنقر في عينيه حتى أفقدته البصر , بقي الفيل على حالته متألماً متأوهاً , يلهو فوق رأسه النمل والذباب , حتى كاد الجوع والعطش أن يفتكا به

لكن ذلك لم يشفِ غليل العصفور فطار إلى الوادي الذي تملؤه الضفادع , وراح يكرر سرد مأساته وما لاقته صغاره جراء فعل الفيل المغرور , أبدت الضفادع تعاطفها معه , ولكن ماذا بإمكانها فعله أمام ضخامة الفيل وكِبر جثته ؟ هكذا تساءلت الضفادع , فأشار عليهم العصفور أن يبدؤوا بالنقيق بمحاذاة الحفرة الكبيرة , وبالفعل قامت الضفادع بما طلب إليهم العصفور , ولما سمع الفيل تلك الأصوات التي استثارت فيه التوق إلى الماء حيث الأكل والشرب , تحرّك مسرعاً نحو مصدر الصوت ظاناً بوجود الماء والخضرة , إلا أنه كان مخطئاً في ظنه , فوقع في الحفرة على عقبيه ليلقى نتيجة سوء عمله , وهنا اتجه العصفور نحو الفيل , حطَّ فوق رأسه من جديد وخاطبه قائلاً : أيها الحيوان القويّ . . . . يا صاحب العزم والجلَد , أرأيت إلى أي هاوية قادك غرورك , أرأيت أيَّ مصير كان ينتظرك , حرّك جناحيه ثم تابع حديثه :

لقد فعلت بي ما فعلت وأنا الضعيف الذي استقويت عليه يوماً , واعتديت على بيته متعمداً فهل تستطيع أن تجيبني على أسئلتي ؟

صمت العصفور قليلاً ثم طار باتجاه رفاقه , من دون أن يسمع أية إجابة من الفيل النادم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق